في مدينة أخميم كانت هناك أسرة فقيرة ماديًا ولكنها غنية بالسيد المسيح، الزوج اسمه موسى والزوجة تدعى ياشمنوفا. انتقل الزوج تاركًا هذه الأسرة لترعاها عناية السماء. ترك ابنه الشاب اسمه باخوم يبلغ من العمر ثماني عشر عامًا يعمل ويكدّ لينفق على الأم والأخت الطفلة ضالوشام. كانت الأسرة مواظبة على الكنيسة، تحب الله من عمق القلب، فتشرّبت ضالوشام حياة الإيمان منذ نعومة أظافرها.
اضطهاد باخوم حين أعلن الإمبراطور دقلديانوس اضطهاده للمسيحيين، أرسل جنوده في كل مكان يبحثون عن الذين يعترفون بالسيد المسيح، فقابلوا الشاب باخوم الذي كان مملوء قوة وإيمانًا، فاعترف دون خوف أو تردّد أنه مسيحي.
ربط الجنود رأسه بحجر كبير حول رقبته وجرّوه وقالوا له في استهزاء: "إن كان إلهك قويًا فليخلصك من هذا العذاب". أما باخوم فأخذ يصلّي لكي يثبته الرب في الإيمان، فلما سمعت والدته وأخته الصغيرة البالغة من العمر ثمانية أعوام ذهبتا إلى الوالي لكي تعترفا معه.
لما وصل الجنود أمام الوالي تم فك الحجر الكبير من باخوم المجاهد، ووقف باخوم أمام الوالي وكذلك كانت والدته وأخته قد وصلتا. وحينما وقفت هذه الأسرة الفقيرة أمام الوالي تعجّب كثيرًا لأنهم فقراء ماديًا، فأغراهم بالمال ولكنهم رفضوا كل غنى لأن غناهم هو المسيح، فأمر الوالي بضرب باخوم بسياط البقر حتى سقط على الأرض مثل ميت.
شجاعة الطفلة الصغيرة ضالوشام:
لما رأت الطفلة الصغيرة ضالوشام ما حدث لأخيها للحال تشجّعت وقالت للوالي: "أنا مسيحية"، فهدّدها وقال لها محذرًا أنه سيفعل بها مثلما فعل بأخيها، وأخذ يغريها بالمال وبإحضار ملابس غالية الثمن عوضًا عن الملابس والخرق البالية التي على جسدها، فرفضت هذه الفتاة الصغيرة سنًا الكبيرة في إيمانها وقالت له: "إن الرب يسوع هو سترة جسدي ويسعدني أن أكون متشبهة به حينما كان مقمطًا بخرق في مزود البقر". (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء).
تعجّب الوالي لشجاعة هذه الطفلة واشتعل غيظًا وأمر الجنود بضربها مثل أخيها بدون شفقة أو رحمة، فوقعت على الأرض فاقدة الوعي وللحال أُضيء المكان بنور سماوي وإذ برئيس جند الرب ميخائيل يقف وسطهما ويرشمهما بعلامة الصليب المقدّسة وشفاهما من كل جراحاتهما.
لما رآهما الوالي بلا أي جروح اندهش وتعجّب وقال لهما في مكر شديد: "إن آلهتي قد وقفت بجانبكما، والآن خذا هذه الثياب الجميلة وقدّما بخور للآلهة كي تعفو عنكما". فقالا له: "نحن لا يغرينا أي شيء من متع العالم، فنحن أغنياء جدًا بالمسيح. نحن ننظر إلى الأمور الأبدية التي لا ترى، لا يهمنا أي تعذيب ولا يفرقنا شيء عن السيد المسيح، فافعل بنا ما تريد". وللحال أمر الوالي بوضع جمر نار على صدر ضالوشام وكذلك تحت جنبيها بلا رحمة حتى تحترق من شدة النار، وأكملوا هذا العمل بتقييدها بسلاسل حديدية وألقوها في وعاء كبير به ماء مغلي وتحته نيران مشتعلة. كذلك الشاب باخوم استخدموا ضدّه عذابات كثيرة، ولكن ملاك الرب أنقذهما وهما يسبحان الله.
أخيرًا أمر الوالي بقطع رقبتهما ونالا إكليل الشهادة 22 كيهك
بركه صلواتهم تكون معانا جميعا ولربنا المجد الدائم امين